فقال : رحمك الله يا أمي بعد أمِّي ثم دعا رسول الله أسامَة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاماً أسود يحفرون ، فحفروا قبرها ، فلما بلغوا اللحد حفر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بيده وأخرج ترابه فلما فرغ دخل رسول الله فاضطجع فيه ، ثم قال : والله الذي يُحي ويميت وهو حَيٌّ لا يموت إغفر لأمي فاطمة بنت أسد ، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي (١).
أما ما ورد في التوسل بالنبي نفسه ، فقد روىٰ جمع من المحدثين ان اعرابياً دخل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : « لقد أتيناك وما لنا بعيرٌ يئط ـ أي مثل صوت البعير ـ ولا صبي يغط ـ وهو صوت النائم ـ ثم أنشأ يقول :
أتيناك والعذراء تدمىٰ لبانُها |
|
وقد شغلت أم الصبيِّ عن الطفلِ |
ولا شيء ممِّا يأكل الناس عندنا |
|
سوى الحنظل العامي والعلهز الفسْلِ |
وليس لنا إلا إليك فرارُنا |
|
وأين فرارُ الناس إلا إلى الرسلِ |
فقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يَجُر رداءه ، حتى صعد المنبر فرفع يديه وقال : اللهم اسقنا غيثاً ... فما ردا النبي حتى ألقت السماء ...
ثم قال : لله دَرُّ أبي طالب لو كان حياً لقرت عيناه من ينشدنا قولَهُ ؟
فقام علي بن أبي طالب عليهماالسلام وقال : كأنك تريدُ يا رسول الله ـ قَولَهُ :
وأبيض يُستسقىٰ الغمامُ بوجهه |
|
ثِمال اليتامى عصمَةٌ للأراملِ |
يطوف به الُهلاِّك من آل هاشمٍ |
|
فهم عنده في نعمةٍ وفواضلِ |
فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أجل فانشد علي عليهالسلام أبياتاً من القصيدة ، والرسول يستغفر لأبي طالب على المنبر ، ثُمِّ قام رجل من كنانة وأنشد يقول :
لك الحمد والحمد ممن شكر |
|
سقينا بوجه النبي المَطَر (٢) |
ولنعم ما قال سواد بن قارب في القصيدة التي يتوسل بها بالنبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم
وأشهد أن الله لا ربًّ غيرُه |
|
وانك مأمون على كل غائبِ |
وانك أدنى المرسلين وسيلة |
|
إلى الله يابن الأكرمين الاطائب |
__________________
(١) كشف الإرتياب : ٣١٢ ، حلية الأولياء : ١٢١ ، وفاء الوفا ٣ : ٨٩٩.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٤ / ٨٠ ، السيرة الحلبية : ٣ / ٢٦٣.