أقول : والذي يظهر من هذه الاحاديث ان فاطمة حددت الضابطة الكلية التي فيها خير المرأة والصلاح لها في الحياة الدنيا والاخرة ذلك هو ان لا يرى المراة رجل ولا ترى رجل ، وفي أمر ورد ايضا عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام استأذن أعمى على فاطمة عليهاالسلام فحجبته.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لها : لم حجبته وهو لا يراك ؟
فقالت عليهاالسلام : ان لم يكن يراني فأني أراه ، وهو يشم الريح ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أشهد انك بضعة مني (١). وسأل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه عن المرأة ، ما هي ؟ قالوا : عورة : قال فمتى تكون أدنى من ربها ؟ فلم يدروا ، فلما سمعت فاطمة عليهاالسلام ذلك قالت : أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعر بيتها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن فاطمة بضعة مني (٢).
أقول : يظهر من هذا الحديث ان الرسول سأل اصحابه ولم يكن فيهم علي عليهالسلام ، وهذا معارض للحديث الأوّل من حيثية وجود علي عليهالسلام ، فالحديث الأوّل بين ان الإمام علي لم يعرف جواب السؤال الذي سأله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذا مخالف لكثير من الاحاديث التي تبين مقام علي عليهالسلام العلمية ولذا سيكون من حيث الدلالة الحديث الاخير الذي قدمناه وهو الاصح ، وإلاّ لو كان علي عليهالسلام حاضرا لأجاب على سؤال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وخاصة نحن نعلم ان علي عليهالسلام وفاطمة احدهما كفوا للاخر في كل الأمور التي أقرأتها الاحاديث التي وردت عن لسان المعصومين عليهمالسلام.
وأعطي لك شاهداً واحداً من خلال استقراء احاديث العلماء والصالحين في قضية اخلاق فاطمة الزهراء عليهاالسلام تاركا لك مراجعة أقوال الاخرين فضلا عن احاديث أهل البيت الذي هي بحر عميق لمن اراد الغوص فيه واستخراج الدرر المتناثرة فيه ، ومن هذه الاقوال (٣). لم تكن الزهراء امرأة عادية كانت امرأة روحانية امرأة ملكوتية ... كانت انسانا بتمام معنى الكلمة نسخة انسانية متكاملة ... امرأة حقيقية كاملة ... حقيقة الإنسان الكامل ، لم تكن امرأة عادية ، بل هي كائن ملكوتي تحلى في الوجود بصورة
__________________
(١) نوادر الراوندي : ١٣.
(٢) البحار : ٤٣ / ٩٢.
(٣) المرأة في فكر الإمام الخميني : ٢٣ ـ ٢٤.