مثلاً لو كان مجيء زيد من جهة أغراض مخلتفة وأسباب متعدّدة ، فقيل : « جاء زيد » ، لم يوجب ذلك كون المجيء مستعملاً في المعاني التعدّدة. نعم لو جعل فاطمة بالنسبة إلى فطم الأعداء أو الأحبّاء بمعنى كونها ذات فطم من المبنيّ للفاعل ـ كما هو كذلك ـ أي ذات فاطميّة ، وفي فطمها عن الشرّ بمعنى ذات فطم من المبنيّ للمفعول أي ذات مفطومية لزم المحذور المذكور ، ، ولكن على التقرير المسطور لا يلزم ذلك المحذور. ويمكن جعلها بمعنى ذات الفطم مطلقاً من باب النسبة فيكون جامداً يستوي فيه المذكّر والمؤنثّ ... نعم ، يمكن جعل فاطمة في جميع الوجوه بمعنى المفعول ، أي المفطومة ، من باب الصفة بحال المتعلّق بلحاظ المآل والحقيقة ؛ أو جعله بمعنى ذات الفطم ، من المصدر المبنيّ للفاعل أو المفعول لكن على سبيل القضيّة الكلّيّة لا الجزئيّة ، كما لا يخفى.
وبالجملة فاختلاف الأخبار في بيان وجه التسمية إشارة إلى عدم انحصاره في شيء ؛ أو كون معناها معنىً كلّيّاً يشمل على وجوه كثيرة ، فيحتمل احتمالاً ظاهراً أن يكون ملحوظاً في وجه التسمية اُمور على حدة أيضاً كفطمها على الأخلاق الرذيلة بالأخلاق الفاضلة ، وعن الأحوال الخبيثة بالأحوال الطيّبة الزكيّة ، وعن الأفعال القبيحة بالأفعال الحسنة ، وعن الظلمانيّة بالنورانيّة ، وعن السهو والغفلة بالذكر والمعرفة ، وعن عدم العصمة بالمعصوميّة ، وبالجملة عن جميع جهات النقيصة بالكمالات العقلانيّة والروحانيّة والنفسانيّة ولوازمها الظاهرّية والباطنيّة ، فيلزم حينئذٍ أن تكون لها العصمة الكبرى في الدنيا والآخرة والاُولى. فتكون حينئذ معصومة تقيّة نقيّة وليّة صدّيقة مباركة طاهرة إلى آخر الأسماء المذكورة في الرواية وغير الرواية. وتخصيص أسمائها بالتسعة في الخبر الصادقيّ عليهالسلام إمّا من جهة اشتمالها من حيث المعنى على سائر الأسماء أيضاً ؛ أو من جهة صدور التسمية بها من جانب الله سبحانه بلا واسطةٍ كما يشعر به قوله عليهالسلام : لفاطمة تسعة أسماء عند الله (١) ...
وقال العلامة الهمداني (٢) في بيان اسم فاطمة ( صلوات الله وسلامه عليها ) ما نصه : هذا الإسم سواء كان من عند الله عزّ وجل أو بإلهام من الله تعالى كما لاحظت في
__________________
(١) اللمعة البيضاء : ٣٧ ـ ٣٩.
(٢) فاطمة بهجة قلب المصطفى : ١٥٢.