الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ) (١) ، حيث فسرت كلمة صديقة في هذا الآية المباركة بأنها تصدق بآيات ربها ، ومنزلة ولدها وتصدقه فيما أخبرها به ، بدلالة قوله تعالى : ( وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا ) ، وقيل : لكثيرة صدقها وعظم منزلتها فيما تصدق به من أمرها.
وعلى كل حال فإن فاطمة الزهراء سلام الله عليها كانت الصديقة الطيبة التي صَدَّقَتْ بالله ورسوله وبما جاء به من عند الله تعالى وكانت المؤمنة بكل عقائدها الربانية والتي كانت تعمل على ضوء تلك العقائد والمعتقدات ولقد جاءت الروايات الكثيرة لكي تؤكد على هذه الحقيقة الواضحة للزهراء عليهاالسلام فلقد ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث طويل : يا عليُّ ، إنّي قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك ، فأنفذها ، فهي الصادقة الصدوقة ، ثم ضمّها إليه وقبَّل رأسها ، وقال : فداك أبوك يا فاطمة (٢).
وعن مفضّل بن عمر قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : من غسَّل فاطمة عليهاالسلام ؟ قال : ذاك أمير المؤمنين عليهالسلام ، فكأنّما استضقت ( استفظعت ) ذلك من قوله ، فقال لي : كأنَّك ضقت ممّا أخبرتك به ، فقلت : قد كان ذلك جعلت فداك ، فقال : لا يضيقنَّ فإنّها صدّيقة لم يكن يغسّلها إلا صدّيق ، أما علمت أنّ مريم لم يغسّلها إلاّ عيسى ؟ (٣) ـ الحديث.
وكذلك قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّه قال لعليّ عليهالسلام : أوتيت ثلاثاً لم يؤتيهنَّ أحد ولا أنا : أوتيت صهراً مثلي ولم اُوت أنا مثلي ، واُوتيت زوجةً صدّيقةً مثل ابنتي ولم اُوت مثلها زوجة ، واُوتيت الحسن والحسين من صلبك ولم اُوت من صلبي مثلهما ، ولكنّكم منّي وأنا منكم (٤).
وجاء عن علي بن جعفر ، عن أخيه ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « إنَّ فاطمة عليهاالسلام صدّيقة شهيدة ». والصدّيقة فعّيلة للمبالغة في الصدق والتصديق ، أي كانت كثيرة التصديق لما
__________________
(١) المائدة : ٧٥.
(٢) البحار : ٢٢ / ٤٩١.
(٣) الوسائل : ٢ / ٧١٤ ـ ٧١٥.
(٤ ) الرياض النضرة : ٢ / ٢٠٢ على ما في الغدير : ٢ / ٣٠٥.