اُخرى لطيفة وهو أنَّه عدّ من جملة الذرّيّة الذين نسبهم إلى إبراهيم لوطاً ولم يكن من صلبه ، لأنَّ لوطاً ابن أخي إبراهيم ، والعرب تجعل العمّ أباً كما أخبر عزّ وجلّ عن ولد يعقوب حيث قال : ( نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) ومعلوم أنّ إسماعيل عمّ يعقوب ولكن نزّله منزلة الأب ، فيحصل من هذا جواز انتساب أولاد عليّ عليهالسلام إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على الإطلاق ، لأنّه أخوه وهو منه بمنزلة هارون من موسى ، كما نسب الله لوطاً إلى إبراهيم ، ولوط إنّما هو ابن أخيه ، وكذلك هنا ... ابن حصين عن عمر قال : سمعت رسول الله يقول : كلّ بني اُنثى فإنّ عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة ، فإنّي أنا عصبتهم وأنا أبوهم (١).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث طويل : يا فاطمة ، ما بعث الله نبيّاً إلا جعل له ذرِّيَّةً من صلبه ، وجعل ذرّيّتي من صلب عليّ ، ولولا عليٌّ ما كانت لي ذرّيّة (٢).
قال ابن أبي الحديد في ذيل كلام عليّ عليهالسلام : « املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدَّني ، فإنّني أنفس بهذين ـ يعني الحسن والحسين عليهماالسلام ـ على الموت لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٣).
فإن قلت : أيجوز أن يقال للحسن والحسين وولدهما أبناء رسول الله وولد رسول الله وذرّيّة رسول الله ونسل رسول الله ؟
قلت : نعم ، لأنّ الله سماهم أبنائه في قوله تعالى : ( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ) (٤) ، وإنما عنى الحسن والحسين ... وسمّى الله تعالى عيسى ذرّيَّة إبراهيم في قوله : (وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ ـ إلى أن قال ـ وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ ) ...
فإن قلت : فما تصنع بقوله تعالى : ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ) (٥) ؟
قلت : أسألك عن اُبوَّته لأبراهيم بن مارية ، فكلُّ ما تجيب به عن ذلك فهو جوابي عن الحسن والحسين عليهماالسلام. والجواب الشامل للجميع أنّه عنى زيد بن حارثة ، لأنّ
__________________
(١) كفاية الطالب : ٣٧٩.
(٢) البحار : ٤٣ / ١٠١.
(٣) نهج البلاغة : الخطبة ٢٠٥.
(٤) آل عمران : ٦١.
(٥) الأحزاب : ٤٠.