بالرحى حتّى أثَّر في يدها ، وحملت القربة حتّى أثّر في نحرها وكسحت البيت حتّى اغبرّت ثيابها ، [ و ] أوقدت القدر حتّى دكنت ثيابها ، فلمّا جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فستخدمك خادماً يقيها حرّ ما هي فيه.
قال : اتّقي الله يا فاطمة ، وأدّي فريضة ربِّك ، واعملي عمل أهلك ، إن أخذت مضجعلك فسبِّحي ثلاثاً وثلاثين ، واحمدي ثلاثاً وثلاثين ، وكبِّري أربعاً وثلاثين ، فتلك مائة ، فهي خير لك من خادم. فقالت : رضيت عن الله وعن رسوله ؛ ولم يخدمها (١).
ولقد ذكر المولى محمد علي الأنصاري شارح الخطبة ، في مسألة رضاها سلام الله عليها ومسألة من وجوه اقتضاها حال الرواية حيث قال : وإطلاق الرضيّة لرضاها عن الله ورسوله حين ذهبت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فطلبت منه خادمة وقالت : لا اُطيق على شدائد أشغال البيت ، فعلَّمها النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تسبيح فاطمة وبشَّر لها بثوابه : فقالت ثلاثاً : رضيت عن الله ورسوله. فرجعت إلى بيتها فقالت : طلبت من أبي خير الدنيا ، فأعطاني خير الآخرة. أو لرضاها عن الله تعالى فيما أعطاها من القرب والمنزلة وطهارة الطينة وغير ذلك من المراتب والعالية في الدنيا والبرزخ والآخرة من حيث الجاه والمنزلة النعمة الشرف والفضيلة. أو لرضاها عنه تعالى في جعل الشفاعة الكبرى بيدها من الإنتقام من قتلة ولدها في الدنيا والآخرة (٢).
٧ ـ المرضية
وهذا اسم آخر لفاطمة الزهراء سلام الله عليها ، والذي يظهر من خلال التأمل والتدبر في السيرة الذاتية لها أنه هناك احتمالان ، في معنى كونها مرضية ، أحدهما هو كون جميع أعمالها وأفعالها وأقوالها وما صدر منها خلال مسيرة حياتها مرضية عند الله تبارك وتعالى فهي رضي الله عنها ورضت عنه ، فهي راضية مرضية راضية عن
__________________
(١) مسند فاطمة عليهاالسلام للحافظ البوطي : ١١٠.
(٢) اللمعة البيضاء : ٩٢.