من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عزّ وجلّ ، فأرسل اليها ملكاً يسلّي عنها غمّها ويحدّثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال لها : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي. فأعلمتْه ، فجعل يكتب كلّ ما سمع حتّى أثبت من ذلك مصحفاً. قال : ثم قال : أما إنّه ليس الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون » (١).
وفي حديث آخر قال له الراوي : فمصحف فاطمة ؟ فسكت طويلاً ثمّ قال : « إنّكم لتبحثون عمّا تريدون وعمّا لا تريدون ، إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خمسة وسبعين يوماً وقد كان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيتها وكان علي عليهالسلام يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة عليهاالسلام » (٢).
وعن أبي بصير قال : سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهماالسلام عن مصحف فاطمة ، فقال : « اُنزل عليها بعد موت أبيها. قلت : ففيه شيء من القرآن ؟ فقال : ما فيه شيء من القرآن. قلت فصفه لي ، قال : له دفّتان من زبرجدتين على طول الورق ، وعرضه حمراوين. قلت : جعلت فداك فصف لي ورقه ، قال : وروقه من درّ أبيض ، قيل له : كن فكان. قلت : جعلت فداك فما فيه ؟ قال : في خبر ما كان وخبر ما يكون إلى يوم القيامة ، وفيه خبر سماءٍ سماءٍ ، وعدد ما في السموات من الملائكة ، وغير ذلك ، وعدد كلّ من خلق الله مرسلاً وغير مرسل وأسماؤهم ، وأسماء من اُرسل إليهم ، وأسماء من كذّب ومن أجاب ، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين من الأولّين والآخرين ، وأسماء البلدان ، وصفة كلّ بلد في شرق الأرض وغربها ، وعدد ما فيها من المؤمنين ، وعدد ما فيها من الكافرين ، وصفة كلّ من كذّب ، وصفة القرون الاُولى وقصصهم ، ومن ولي من الطواغيت ومدَّة ملكهم وعددهم. وأسماء الأئمّة وصفتهم ، وما يملك كلّ واحدٍ واحدٍ ، وصفة كبرائهم ، وجميع من ترددّ في الأدوار.
قلت : جعلت فداك وكم الأدوار ؟ قال : خمسون ألف عام. وهي سبعة أدوار ، فيه
__________________
(١) البحار : ٤٣ / ٨٠.
(٢) البحار : ٤٣ / ٨٠.