ولكن القوم لم يتحملوا أن تكون فدك خالصة لأهل بيت النبوة بل شحت عليها أنفس القوم ، وإلى ذلك أشار الإمام علي عليهالسلام في رسالته لابن حنيف : « بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أضلته السماء فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين ونعم الحكم الله » (١) ، والذي يظهر من جميع الروايات الواردة في المقام : إن فدك كانت فيئاً أفاءها الله على نبيه خاصة دون المسلمين لانه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ، فأنزل الله تعالى : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ) فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم لجبرائيل عليهالسلام ومن ذا القربى ؟ وما حقه ؟ : أعط فاطمة فدكاً ، فأعطاها حوائط فدك ، وما لله ولرسوله فيها فدعا حسناً وحسيناً وفاطمة عليهمالسلام وقال لها عليهاالسلام : إن الله قد أفاء على أبيك فدكاً ، واختصه بها ، فهي لي خاصة دون المسلمين ، أفعل بها ما أشاء. وقال : كان لأمك خديجة على أبيك مهر وأنّ أباك قد جعل فدك لك بذلك.
أقول : يظهر من هذا الكلام أنَّ مسألة المهر الحاضر للزوجة يكون في ذمة الرجل في حالة عدم دفعه بعد وفاة الزوجة ولابد من أعطاءه للورثة الذين هم أبناء الزوجة لذا كانت فاطمة وريثة أمها خديجة في مهرها فأعطاها فدك في قبال ذلك ، هذا ما نستفيده من خلال الرواية وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : نحلتكها لتكون لك ولولدك من بعدك فخذيها ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أكتب لفاطمة نحلة من رسول الله.
وبالجملة فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاها حقها بأمر الله فدكاً ، فكانت لها من الله تعالى وقد جعلها في حياته لها نحلة ، وأشهد على ذلك أمير المؤمنين وأم أيمن. وقالت فاطمة عليهاالسلام : لست أحدث فيها حدثاً وأنت حي ، أنت أولىٰ بي من نفسي ومالي لك ثم قالت في احتجاجها عليهاالسلام في مسجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : هذا كتاب رسول الله أوجبها لي ولولدي دون المؤمنين ، وعلىٰ كلٍ فليس في الروايات في تعيين من له فدك ، ذكر علي أو ما يشعر بأن فدكاً له وهو أول الأئمة ، أو لخصوص الأئمة من ولد الحسين عليهالسلام ، أو للامامة ومن يتصدىٰ لها ، بل هي عطية ونحلة وهبها وأعطاها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فاطمة عليهاالسلام لذي قربىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في اليوم ، وهم فاطمة وولديها الحسن والحسين عليهمالسلام كما
__________________
(١) نهج البلاغة : ٤١٧ ضمن كتاب : ٤٥.