وروى سفيان بن عيينة ، عن عمرو عن الحسن بن محمد : أنّ فاطمة عليهاالسلام دفنت ليلاً وروى عبد الله بن أبي شيبة ، عن يحيى بن سعيد العطار ، عن معمر ، عن الزهري : مثل ذلك ؛ وقال البلاذري في تاريخه : إن فاطمة عليهاالسلام لم ترَ مبتسمة بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يعلم أبو بكر وعمر بموتها ؛ والأمر في هذا أوضح وأظهر من أن يطنب في الإستشهاد عليه ، وبذكر الروايات فيه ، فأما قوله ولا يصح ، أنّها دفنت ليلاً ، وإن صحّ فقد دفن فلان وفلان ليلاً فقد بينّا أنّ دفنها ليلاً في الصحّة كالشمس الطالعة ، وأن منكر ذلك كدافع المشاهدات ولم نجعل دفنها ليلاً بمجرد ، وهو الحجّة.
فيقال : فقد دفن فلان وفلان ليلاً بل مع الإحتجاج بذلك على ما وردت به الروايات المستفيضة الظاهرة الّتي هي كالمتواتر أنها عليهاالسلام أوصت بأن تدفن ليلاً حتى لا يصلي عليها الرجلان ، وصرّحت بذلك وعهدت فيه عهداً بعد أن كانا استاذنا عليها في مرضها ليعوداها فأبت أن تأذن لهما فلمّا طال عليهما المدافعة رغبا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، في أن يستأذن لهما وجعلاها حاجة إليه فكلّما أمير المؤمنين عليهالسلام في ذلك وألحّ عليها فأذنت لهما في الدخول ثمّ أعرضت عنهما عند دخولهما ولم تكلمهما ؛ فلمّا خرجا قالت لأمير المؤمنين عليهالسلام : قد صنعت ما أردت ، قال : نعم ؛ قالت : فهل أنت صانع ما آمرك ؟ قال : نعم ؛ قالت : فإنّي أنشدك الله لا يصليا على جنازتي ، ولا يقوما على قبري ، وروي أنه عليهالسلام عمى على قبرها ، ورشّ أربعين قبراً في البقيع ولم يرش على قبرها حتى لا يهتديا إليه ، وأنهما عاتباه على ترك إعلامهما بشأنها وإحضارهما للصلاة عليها ، فمن هاهنا احتججنا بالدفن ليلاً ، ولو كان ليس غير الدفن بالليل من غير ما تقدم عليه وتأخر عنه ، لم يكن فيه حجّة ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.
ومما يدل من صحاح أخبارهم على دفنها ليلاً ، وأن أبا بكر لم يصلّ عليها ، وعلى غضبها عليه وهجرتها إيّاه :
ما رواه مسلم في « صحيحة » وأورده في « جامع الاصول » في الباب الثاني من كتاب الخلافة والإمارة من حرف الخاء عن عائشة ـ في حديث طويل ـ بعد ذكر مطالبة فاطمة عليهاالسلام أبا بكر في ميراث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفدك وسهمه من خيبر ؛ قالت : فهجرته فاطمة عليهاالسلام ، فلم تكلّمه في ذلك حتى ماتت ، فدفنها علي عليهالسلام ولم يؤذن بها