دوني طرفها (١) ؛ فلا دافع ولا مانع ، خرجت كاظمةً ، وعدت راغمةً (٢) ، أضرعتَ خدَّكَ (٣) يوم أضعتَ حدَّكَ (٤) ، افترست الذئاب ، افترشْتَ التراب (٥) ، ما كففتُ قائلاً ، ولا أغنيتُ باطلاً (٦) ، ولا خيارَ لي. ليتني مِتُّ قبل هنيتي (٧) ودون زلّتي (٨). عذيريَ الله منكَ عادياً ومنك حامياً (٩).
__________________
(١) الطرف ، بالفتح : العين. وغضه : حفظه.
(٢) في رواية السيد بعد قولها « ولا مانع ولا ناصر ولا شافع » خرجت كاظمة ، وعدت راغمة » كظم الغيظ : تجرعه والصبر عليه ، ورغم فلان ، بالفتح : إذا ذل وعجز عن الإنتصاف ممن ظلمه. والظاهر من الخروج ، الخروج من البيت وهو لا يناسب « كاظمة » إلاّ ان يراد بها الامتلاء من الغيظ فانه من لوازم الكظم ، ويحتمل أن يكون المراد الخروج من المسجد المعبر عنه ثانيا بالعود ، كما قيل في رواية السيد مكان « عدت » « رجعت ».
(٣) ضرع الرجل ، مثلثة : خضع وذل. وأضرعه غيره. واسناد الضراعة إلى الخد ، لأنّه أظهر أفرادها وضع الخد على التراب ، أو لأنّ الذل يظهر في الوجه.
(٤) اضاعة الشيء وتضييعه : اهماله واهلاكه. وحد الرجل ، بالحاء المهملة : بأسه وبطشه. وفي بعض النسخ بالجيم ، أي تركت اهتمامك وسعيك. وفي رواية السيد : « فقد أضعت جدك يوم اصرعت خدك ».
(٥) فرس الأسد فريسته ـ كضرب ـ وافترستها : دق عنقها ، ويستعمل في كل قتل. ويمكن أن يقرأ بصيغة الغايب ، فالذئاب مرفوع ، والمعنى : قعدت عن طلب الخلافة ولزمت الأرض مع انك اسد الله والخلافة كانت فريستك ، حتى افترسها واخذها الذئب الغاصب لها. ويحتمل ان يكون بصيغة الخطاب ، أي كنت تفترس الذئاب واليوم افترشت التراب. وفي بعض النسخ : « الذباب » بالبائين الموحدتين ، جمع ذبابة ، فيتعين الأوّل. وفي بعضها : « افترست الذئاب ، وافترسك الذئاب ». وفي رواية السيد مكانهما : « وتوسدت الوراء كالوزع ، ومستك الهناة والنزع » ، والوراء بمعنى خلف والهناة : الشدة والفتنة. والنزع : الطعن والفساد.
(٦) الكف : المنع. والاغناء : الصرف والكف ، يقال : اغن عني شرك ، أي اصرفه وكفه و « و » به فسر قوله سبحانه : ( إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا ) وفي رواية السيد : « ولا أغنيت طائلا » وهو أظهر. قال الجوهري : « يقال : هذا امر لا طائل فيه ، اذا لم يكن فيه غناء ومزية » انتهى. فالمراد بالغناء : النفع ، ويقال : ما يغني عنك هذا ، أي ما يجديك وما يفعك.
(٧) الهنية بالفتح : العادة في الرفق والسكون ، ويقال : امش على هنيتك ، أي على رسلك ، أي ليتني مت قبل هذا اليوم الذي لابد لي من الصبر على ظلمهم ولا محيص لي عن الرفق.
(٨) الزلة ، بفتح الزاي كما في النسخ : الإسم من قولك : زللت في طين أو منطق ، إذا زلقت ، ويكون بمعنى السقطة ، والمراد بها عدم القدرة على دفع الظلم ، ولو كانت الكلمة بالذال المعجمة كان أظهر واوضح كما في رواية السيد ، فان فيها : « وا لهفتاه ! ليتني مت قبل ذلتي ودون هنيتي ».
(٩) العذير بمعنى العاذر كالسميع ، أو بمعنى العذر كالأليم. وقولها « منك » أي من أجل الإساءة إليك وايذائك. و « عذيري الله » مرفوعان بالإبتدائية والخبرية. و « عادياً » أما من قولهم : عدوت فلانا عن الأمر أي صرفته عنه ، أو من العدوان بمعنى تجاوز الحد ، وهو حال عن ضمير المخاطب ،