والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه لاعتلقه (١) ، ولسار بهم سيراً سُجُحاً (٢) ، لا يكلم خشاشه (٣) ، ولا يتعتع راكبه (٤) ، ولأوزدهم منهلاً نميراً فضفاضاً (٥) تطفح ضفّتاه (٦) ولأصدرهم بطاناً (٧) ، قد تحيرّ بهم الريّ (٨) غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء (٩) وردعة شررة الساغب (١٠) ، ولفتحت عليهم بركات من
____________
تعالى : ( وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) : كناية عن المنازعة والخصومة ، والذات : هي الخلقة والبينة ، يقال : فلان في ذاته صالح : أي في خلقته وبينته ، يعني اصلحوا نفس كل شيء بينكم ، او اصلحوا حال كل نفس بينكم ، وقيل : معناه : واصلحوا حقيقة وصلكم ، وكذلك معنى اللهم اصلح ذات البين : أي اصلح الحال التي بها مجتمع المسلمون. انتهى. اقول فالمراد بقولها : في ذات الله ، أي في الله ولله ، بناء على ان المراد بالذات الحقيقة ، او في الامور والاحوال التي تتعلق بالله من دينه وشرعه وغير ذلك كقوله تعالى : ( إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) أي المضمرات التي في الصدور.
(١) التكاف ، تفاعل من الكف : هو الدفع والصرف ، والزمام ككتاب : الخيط الذي يشد في البرة والخشاش ثم يشد في طرفه المقود ، وقد يسمى المقود زماماً ، ونبذه : أي طرحه. وفي « الصحاح » : « اعتلقه : أي احبه » ولعله هنا بمعنى تعلق به وان لم اجد فيم عندنا من كتب اللغة.
(٢) السجح ، بضمتين : اللين السهل.
(٣) الكلم : الجرح والخشاش بكسر الخاء المعجمة : ما يجعل في انف البعير من خشب ويشد به الزمام ليكون اسرع لانقياده. (٤) تعتعت الرجل : أي اقلقته وازعجته.
(٥) المنهل : المورد ، وهو عين ماء ترده الابل في المراعي ، وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار : مناهل ، لأنّ فيه ماء ، قاله الجوهري ، وقال : ماء نمير : أي ناجع ، عذباً كان او غيره. وقال الصدوق نقلا عن الحسين بن عبد الله بن سعيد العسكري : النمير : الماء النامي في الجسد ( في الحشد ـ ظ ). وقال الجوهري : « الروي سحابة عظيمة القطر ، شديدة الوقع ويقال : شربت شرباً روياً » والفضفاض : الواسع ، يقال : ثوب فضفاض ، وعيش فضفاض ، ودرع فضفاضة.
(٦) تطفح : أي تمتلئ حتى تفيض. وضفتا النهر بالكسر وقيل : وبالفتح ايضاً : جانباه.
(٧) بطن كعلم : عظم بطنه من الشبع ، ومنه الحديث : تغدو خماصاً وتروح بطاناً ، والمراد عظم بطنهم من الشرب.
(٨) تحير الماء : أي اجتمع ودار كالمتحير ، يرجع اقصاه إلى ادناه ، ويقال : تحيرت الأرض بالماء ، اذا امتلأت ، ولعل الباء بمعنى في ، أي تحير فيهم الري ، او للتعدية ، أي صاروا حيارى لكثرة الري. والري بالكسر والفتح : ضد العطش. وفي رواية الشيخ : « قد خثر » بالخاء المعجمة والثاء المثلثة : أي اثقلهم ، من قولك : اصبح فلا خاثر النفس أي ثقيل النفس غير طيب ولا نشيط.
(٩) حلي منه بخير : كرضي : أي اصاب خيراً ، وقال الجوهري : « قولهم : لم يحل منها بطائل ، أي يستفاد منها كثير فائدة ». والتحلي : التزين ، والطائل : الغناء والمزية والسعة والفضل.
(١٠) الردع : الكف والدفع. والردعة : الدفعة منه ، وفي جميع الروايات سوى معاني : الاخبار : « سورة الساغب » وفيه « شررة الساغب » ، ولعله من تصحيف النساخ. والشرر : ما يتطاير من