إن هذه الخطبة الفاطمية والدرة البيضاء لفي غاية الفصاحة ونهاية البلاغة من ناحية عذوبة ألفاظها وجميل محتواها وعظيم مضمونها الذي لابد للموالي والمخالف من الوقوف على مضمونها وطبيعة أهدافها التي أنشدتها الصديقة الطاهرة فاطمة عليهاالسلام والتي لم تخرج فيها عن حد الشرع المقدس بل سارت مع كل ما دعى إليه الرسول وأهل بيته الأطهار ، ففيها من الجلالة والنور بحيث لابد من الإستضاءة من نورها الذي لو عُرض على الظلمات لأضاءت منه ، ولو خوطب بها الجبال الشامخات لرأيتها خاشعة من بهاءها وجلالها ، وان كانت لم تترك الأثر الواضح على القلوب القاسية التي لم تمل إلى هداية بل كانت كالحجارة بل أن من الحجارة لما يتفجر منها الماء الذي فيه حياة القلوب والنفوس ، فكانت سلام الله عليها في هذه الخطبة مظهرة لنور ثمار النبوة وعبق أرج الرسالة فهي غصن الدوحة المحمدية وحليلة العصمة العلوية ومجمع الأنوار الولائية فهي كلمة الله التامة وأم أبيها التي يفرغ لسانها عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي الصديقة الكبرى التي فطمت الخلق عن معرفتها فضلاً عن معرفة أنوارها وكلامها الذي لابد من الوقوف معه وتجلية أنواره ، ومعرفة أركانه وأهدافه فلذا لابد من التعرض لأهداف هذه الخطبة لكي يتضح لنا برهانها الظاهر ، وكلامها المؤثر الذي ينبع من مشكاة النبوة المحمدية وظهر على لسان الأسرار الفاطمية.
__________________
من الخاصة والعامة وهم :
١ ـ ابن ابي الحديد المعتزلي المتوفى ٦٥٥ في « شرح النهج » : ١٦ / ٢٣٤.
٢ ـ ابن ابي طيفور احمد بن طاهر المتوفى ٢٨٠ في « بلاغات النساء » ١٩.
٣ ـ ابن جرير بن رستم الطبري ، من اعلام القرن الرابع في « دلائل الإمامة » : ٤٠ ـ ٤١.
٤ ـ الشيخ الثقة الصدوق ابن بابويه المتوفى ٣٨١ في « معاني الأخبار » : ٣٥٤ ـ ٣٥٥.
٥ ـ العلامة علي بن عيسى الاربلي قدسسره المتوفى ٦٩٣ في « كشف الغمة » : ١ / ٤٩٢ ـ ٤٩٤.
٦ ـ الشيخ الجليل أبو منصور الطبرسي من اعلام القرن السادس ، في « الاحتجاج » : ١ / ١٤٧ ـ ١٤٩.