أهداف خطبة الزهراء عليهاالسلام
هناك مجموعة أهداف لتصلّب الزهراء في مواقفها :
أوّلاً ـ أرادت الزهراء استرجاع حقها المغصوب ، وهذا أمر طبيعي لكل إنسان غصب حقّه أن يطالب به بالطرق المشروعة.
ثانياً ـ كان الحزب الحاكم قد استولى على جميع الحقوق السياسية والإقتصادية لبني هاشم ، وألغى جميع امتيازاتهم المادية والمعنوية ، فهذا عمر بن الخطاب يقول لابن عباس : أتدري ما منع قومكم ( أي قريش ) منكم بعد محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحاً ، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووُفّقت (١) ، هذا بالنسبة للخلافة ، وبالنسبة للأموال فقد منعوا بني هاشم فدك والميراث والخمس ـ أي سهم ذوي القربى ـ واعتبروهم كسائر الناس.
وكان بنو هاشم وفي مقدّمتهم علي عليهالسلام لا يقدرون على المطالبة بحقوقهم المغصوبة بأنفسهم ، فجعلت الزهراء من نفسها مطالبة بحق بني هاشم وحقها ، ومدافعة عنهم اعتماداً على فضلها وشرفها وقربها من رسول الله ، واستناداً إلى أنوثتها حيث النساء أقدر من الرجال في بعض المواقف. ومعلوم أن الزهراء إذا استردّت حقوقها استردّت حينئذ حقوق بني هاشم معها.
ثالثاً ـ استهدفت الزهراء من مطالبتها الحثيثة بفدك فسح المجل أمامها للمطالبة بحق زوجها المغلوب على أمره ، والواقع أنّ فدك صارت تتمشّى مع الخلافة جنباً إلى جنب ، كما صار لها عنوان كبير وسعة في المعنى ، فلم تبق فدك قرية زراعية محدودة بحدودها في عصر الرسول ، بل صار معانها الخلافة والرقعة الإسلامية بكاملها.
ومما يدل على هذا تحديد الأئمة لفدك ، فقد حدها علي عليهالسلام في زمانه بقوله : حدٌّ منها جبل أحد ، وحدٌّ منها عريش مصر ، وحدٌّ منها سيف البحر ، وحدٌّ منها دومة الجندل (٢). وهذه الحدود التقريبية للعالم الإسلامي آنذاك.
__________________
(١) ذكره ابن ابي الحديد في شرح النهج : ١٢ / ٥٣ ، والطبري في تأريخه : ٥ / ٣١.
(٢) مجمع البحرين : مادة فدك.