أوّلاً : إنّ السلطة حينما صادرت أموال السيدة فاطمة الزهراء ، وجعلتها في ميزانيّة الدولة ( بالاصطلاح الحديث ) كان هدفهم تضعيف جانب أهل البيت ، أرادوا أن يحاربوا عليّاً محاربة اقتصاديّة ، أرادوا أن يكون علي فقيراً حتّى لا يلتفَّ الناس حوله ، ولا يكون له شأن على الصعيد الاقتصادي (١).
وهذه سياسة أراد المنافقون تنفيذها في حقّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين قالوا : ( لا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ) (٢).
ثانياً : لم تكن أراضي فدك قليلة الإنتاج ، ضئيلة الغلاّت ، بل كان لها وارد كثير يعبأ به ، بل ذكر ابن أبي الحديد أنّ نخيلها كانت تمثل نخيل الكوفة في زمان ابن أبي الحديد ؛ وذكر الشيخ المجلسي عن « كشف المحجّة » أنّ وارد فدك كان أربعة وعشرين ألف دينار في كلّ سنة ؛ وفي رواية اُخرى : سبعين ألف دينار ، ولعلّ هذا الاختلاف في واردها بسبب اختلاف السنين. وعلى كلّ تقدير فهذه ثروة طائلة واسعة لا يصحّ التغاضي عنها.
ثالثاً : إنّها كانت تطالب من وراء المطالبة بفدك الخلافة والسلطة لزوجها عليّ بن أبي طالب ، تلك السلطة العامّة والولاية الكبرى التي كانت لأبيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ فقد ذكر ابن أبي الحديد في شرحه ، قال : سألت عليم بن الفارقي مدّرس مدرسة الغربيّة ببغداد ، فقلت له : أكانت فاطمة صادقة ؟ قال : نعم قلت : فلِمَ لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي عنده صادقة ؟ فتبسّم ، ثمّ قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلّة دعابته ، قال : لو أعطاها اليوم فدك بمجرَّد دعواها ، لجاءت إليه غداً وادّعت لزوجها الخلافة ، وزحزحته عن مقامه ؛ ولم يكن يمكنه الاعتذار والموافقة بشيء ، لأنّه يكون قد أسجل على نفسه بأنّها صادقة فيما تدّعي كائناً ما كان من غير حاجة إلى بيّنة ولا
__________________
(١) قال العلامة المجلسي رحمهالله : روى العلامة في كشكوله المنسوب إليه عن المفضل بن عمر قال : قال مولاي جعفر الصادق عليهالسلام : لما ولي أبو بكر بن أبي قحافة ، قال له عمر : إنّ الناس عبيد هذه الدنيا ، لا يريدون غيرها ، فامنع عن علي وأهل بيته الخمس والفيء وفدكاً ، فإنّ شيعته إذا علموا ذلك تركوا عليّاً ، وأقبلوا إليك رغبة في الدنيا وإيثاراً ومحاماةً عليها ... ( البحار : ج ٨ ، ص ١٠٤ ، ص الكمباني ).
(٢) المنافقون : ٧.