(كانَ حُوباً كَبِيراً) ذنبا عظيما.
وروي أن رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلمّا بلغ طلب المال منه فمنعه ، فنزلت هذه الآية ، فلمّا سمعها العمّ قال : أطعنا الله ورسوله ، ونعوذ بالله من الحوب الكبير.
(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا (٣) وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (٤))
روي أنّ الرجل إذا كان يجد يتيمة ذات مال وجمال فيتزوّجها ضنّا بها ، فربّما يجتمع عنده منهنّ عدد يرتقي إلى عشر ، ولا يقدر على القيام بحقوقهنّ ، فنزلت : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) من : قسط يقسط قسوطا ، إذا جار. والهمزة في «أقسط» للسلب والإزالة ، نحو : أشكيته ، أي : أزلت شكايته. والمعنى : إن خفتم أن لا تعدلوا في يتامى النساء إذا تزوّجتم بهنّ (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) فتزوّجوا ما طاب لكم من غيرهنّ. وإنّما عبّر عنهنّ بـ «ما» ذهابا إلى الصفة ، أو إجراء لهنّ مجرى غير العقلاء ، لنقصان عقلهنّ. ونظيره : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
وقيل : لمّا عظّم أمر اليتامى تحرّجوا من ولايتهم ، وما كانوا يتحرّجون من تكثير النساء وإضاعتهنّ ، فأمرهم الله تعالى بأنّكم إن خفتم أن لا تعدلوا في حقوق اليتامى فتحرّجتم منها ، فخافوا أيضا ألّا تعدلوا بين النساء ، فانكحوا مقدارا يمكنكم الوفاء بحقّه ، لأن المتحرّج من الذنب ينبغي أن يتحرّج من الذنوب كلّها.