درجات النبيّين والصدّيقين والشهداء ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) الحذر والحذر بمعنى ، كالإثر والأثر ، يقال : أخذ حذره إذا تيقّظ وتحفّظ من المخوف ، كأنّه جعل الحذر آلته الّتي يحفظ بها نفسه. والمعنى : تيقّظوا واستعدّوا للأعداء.
وقيل : الحذر ما يحذر به ، كالحزم والسلاح. ويؤيّده قول الباقر عليهالسلام في معناه : «خذوا أسلحتكم».
فسمّى الأسلحة حذرا ، لأنّه بها يتّقى المحذور.
وهذا القول أصلح ، لأنّه أوفق بمقائيس كلام العرب ، ويكون من باب حذف المضاف ، تقديره : خذوا آلات حذركم.
(فَانْفِرُوا) فاخرجوا إلى الجهاد (ثُباتٍ) جماعات متفرّقة. جمع ثبة ، من : ثبيت على فلان تثبية ، إذا ذكرت متفرّق محاسنه. ويجمع أيضا على ثبين ، جبرا لما حذف من عجزه. والمعنى : اخرجوا فرقة بعد فرقة ، فرقة في جهة ، وفرقة في أخرى. (أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً) مجتمعين كوكبة (١) واحدة في جهة واحدة ، إذا أوجب الرأي ذلك.
وروي عن الباقر عليهالسلام أنّ المراد بالثبات السرايا ، وبالجميع العسكر.
والآية وإن نزلت في الحرب ، لكن يقتضي إطلاق لفظها وجوب المبادرة إلى الخيرات كلّها كيف ما أمكن قبل الفوات.
(وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (٧٢) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (٧٣))
ولمّا حثّ الله تعالى على الجهاد بيّن حال المتخلّفين عنه بقوله :
__________________
(١) في هامش النسخة الخطية : «الكوكب جماعة من الناس ، واسم النجم. منه».