فتفوزوا بما فاز ، يا ليتني كنت معهم. و «كأن» مخفّفة من الثقيلة ، اسمه ضمير الشأن المحذوف.
وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم ورويس عن يعقوب : تكن بالتاء ، لتأنيث لفظ المودّة.
والمنادى في «يا ليتني» محذوف ، أي : يا قوم. وقيل : «يا» أطلق للتنبيه على الاتّساع. ونصب «فأفوز» على جواب التمنّي.
(فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (٧٤))
ولمّا أخبر تعالى في الآية أنّ قوما يتأخّرون عن القتال ، ويثبّطون المؤمنين عنه ، حثّ بعدها على القتال ، فقال : (فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) أي : يبيعون الدنيا بالآخرة ، ويستبدلونها بها. والمعنى : إن بطّأ هؤلاء عن القتال فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة. أو الّذين يشترونها ويختارونها على الآخرة ، وهم المبطّؤن. والمعنى : حثّهم على ترك ما حكي عنهم.
(وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) ومن يجاهد في طريق دين الله ، بأن يبذل ماله ونفسه ابتغاء مرضاته (فَيُقْتَلْ) أي : يستشهد (أَوْ يَغْلِبْ) أي : يظفر بالعدوّ (فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) أي : وعد له الأجر العظيم غلب أو غلب ، ترغيبا في القتال ، وتكذيبا لقولهم : قد أنعم الله عليّ إذ لم أكن معهم شهيدا.
وهذا تنبيه على أنّ المجاهد يجب أن يثبت في المعركة حتى يعزّ نفسه بالشهادة ، أو الدين بالظفر والغلبة ، وأن لا يكون قصده بالذات إلى القتل ، بل إلى إعلاء الحقّ وإعزاز الدين ، فإنّ للمقاتل في سبيل الله ظافرا أو مظفورا به إيتاء الأجر