زعم بعضهم. و «رسولا» حال قصد بها التأكيد إن علّق الجارّ بالفعل ، والتعميم إن علّق بالحال ، أي : رسولا للناس من العرب والعجم جميعا ، كقوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ). ويجوز نصبه على المصدر بغير باب فعله.
ووجه اتّصاله بما تقدّم : أنّ المراد منه أنّ ما أصابهم فبشؤم ذنوبهم ، وإنّما أنت رسول طاعتك طاعة الله ومعصيتك معصية الله ، فلا يتطيّر بك ، لأنّ الخير كلّه فيك ، لعموم رسالتك على الخلق.
(وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) وحسبك الله شاهدا لك على رسالتك بنصب المعجزات. وقيل : معناه شهيدا على عباده بما يعملون ويقولون من خير وشرّ. فعلى هذا يكون متضمّنا للترغيب في الخير والتحذير عن الشرّ.
(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١))
روي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من أحبّني فقد أحبّ الله ، ومن أطاعني فقد أطاع الله».
فقال المنافقون : لقد قارف (١) الشرك وهو ينهى عنه ، ما يريد إلّا أن نتّخذه ربّا ، كما اتّخذت النصارى عيسى ، فنزلت : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) لأنّه إنّما يأمر بما أمر الله ، وينهى عمّا نهى الله عنه ، فهو يبلّغ عن أوامر الله ونواهيه ، فكانت طاعته في امتثال ما أمر به والانتهاء عمّا نهى عنه طاعة لله (وَمَنْ تَوَلَّى) عن الله وأعرض
__________________
(١) قارف مقارفة ، أي : قارب.