عنه (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) عن التولّي حتّى يسلّموا وينقادوا ، أو تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها ، إنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب. وهو حال من الكاف.
(وَيَقُولُونَ) يعني : يقول المنافقون إذا أمرتهم بأمر : (طاعَةٌ) أي : أمرنا طاعة ، أو منّا طاعة. وأصلها النصب على المصدر ، ورفعها للدلالة على الثبات (فَإِذا بَرَزُوا) خرجوا (مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ) دبّرت وقرّرت ليلا (طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) أي : زوّرت خلاف ما قلت لهم وأمرت به ، أو خلاف ما قالت لك من القبول ولزوم الطاعة ، لأنّهم نافقوا بما قالوا : وأبطنوا خلاف ما أظهروا.
والتبييت إمّا من البيتوتة ، لأنّ الأمور تدبّر بالليل ، يقال : هذا أمر بيّت بليل.
أو من أبيات الشعر ، لأنّ الشاعر يدبّرها ويسوّيها. أو من البيت المبنيّ ، لأنّه بالتدبير يدبّر فيسوّى.
وقرأ حمزة وأبو عمرو : بيّت طائفة بالإدغام ، لقربهما في المخرج.
ثمّ وعدهم سبحانه بقوله : (وَاللهُ يَكْتُبُ) يثبت في صحائفهم (ما يُبَيِّتُونَ) للمجازاة ، أو في جملة ما يوحى إليك لتطّلع على أسرارهم (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) قلّل المبالاة بهم ، أو تجاف عنهم إلى أن يستقرّ أمر الإسلام (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) وفوّض أمرك إليه ، وثق به في جميع الأمور ، سيّما في شأنهم (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) يكفيك مضرّتهم ، وينتقم لك منهم.
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)) ولمّا بيّن إرسال النبيّ أمر بالتدبّر في معجزته وهو القرآن ، ليعلموا أنّه مبعوث من عنده ، فقال : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) يتأمّلون في معانيه ، ويتبصّرون ما فيه ،