بإسلامه ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : قتلته ولم أشعر بإسلامه ، فنزلت الآية فيه.
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣))
ولمّا بيّن سبحانه قتل الخطأ وحكمه ، عقّبه ببيان قتل العمد وحكمه ، فقال تهديدا بليغا فيه : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) قاصدا إلى قتله ، عالما بإيمانه وحرمة قتله وعصمة دمه (فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ) أبعده من الرحمة وطرده عنها (وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً). وقتل العمد أن يقصد قتل غيره بما جرت العادة بأنّه يقتل مثله ، سواء كان بحديدة حادّة كالسلاح ، أو بخنق أو سمّ ، أو إحراق أو تغريق ، أو ضرب بالعصا أو بالحجارة حتى يموت ، فإنّ ذلك عمد يوجب القود به.
ولمّا كان في قتل العمد تهديد بليغ ووعيد عظيم وخطب جسيم ، قال ابن عبّاس : لا يقبل توبة قاتل المؤمن عمدا. ولعلّه أراد به التشديد ، إذ روي عن ابن عبّاس خلافه ، كما روى الواحدي (١) بإسناده مرفوعا إلى عطاء ، عن ابن عبّاس أنّ رجلا سأله : القاتل المؤمن توبة؟ فقال : لا. وسأله آخر : ألقاتل المؤمن توبة؟ فقال : نعم. فقيل له في ذلك ، فقال : جاءني ذلك ولم يكن قتل ، فقلت : لا توبة لك لكي لا يقتل ، وجاءني هذا وقد قتل ، فقلت : لك توبة لكي لا يلقى بيده إلى التهلكة.
وقال بعض أصحابنا : إنّ قاتل المؤمن لا يوفّق للتوبة ، على معنى أنه لا يختار التوبة. وعند معظم أصحابنا وعند الشافعي أنّ هذا الحكم مخصوص بالمستحلّ له ، كما ذكره عكرمة.
وعن الصادق عليهالسلام أنّ معنى التعمّد أن يقتله على دينه. ويؤيّده مارواه
__________________
(١) الوسيط ٢ : ٩٩.