روي : أنّ ناسا كانوا يتأثّمون أن يقبل أحدهم من زوجته شيئا ممّا ساق إليها ، فنزلت : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) الضمير للصداق حملا على المعنى ، أو جار مجرى اسم الاشارة ، كأنّه قيل : عن شيء من ذلك ، كما قال الله تعالى : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) (١) بعد ذكر الشهوات. وقيل : للإيتاء ، و «نفسا» تمييز لبيان الجنس ، ولذلك وحّد.
والمعنى : فإن وهبن لكم من الصداق عن طيب نفس. لكن جعل العمدة طيب النفس للدلالة على ضيق المسلك في ذلك ، ووجوب الاحتياط ، حيث بنى الشرط على طيب النفس ، ولم يقل : فإن وهبن أو سمحن. وعدّاه بـ «عن» لتضمّن معنى التجافي والتجاوز.
(فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) فخذوه وأنفقوه حلالا بلا تبعة. والهنيء والمريء صفتان من : هنأ الطعام ومريء ، إذا ساغ من غير غصص ، أقيمتا مقام مصدريهما ، كأنّه قال : هنأ مرءا ، أو وصف بهما المصدر ، أي : أكلا هنيئا مريئا ، أو جعلتا حالا من الضمير. وقيل : الهنيء ما يلذّه الإنسان ، والمريء ما تحمد عاقبته.
(وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (٥))
ولمّا أمر سبحانه فيما تقدّم بدفع مال الأيتام إليهم ، عقّبه بذكر من لا يجوز الدفع إليه منهم ، فقال : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) نهي للأولياء عن أن يؤتوا الّذين لا رشد لهم أموالهم فيضيّعونها. وهم : النساء ، والصبيان ، والمجانين ،
__________________
(١) آل عمران : ١٥.