(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (٩٧) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (٩٨) فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُوراً (٩٩))
ثم أخبر سبحانه عن حال من ترك الهجرة ، ووافق الكفرة ، وقعد عن نصرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) يحتمل الماضي والمضارع (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) في حال ظلمهم أنفسهم بترك المهاجرة وموافقة الكفرة (قالُوا) أي : الملائكة توبيخا لهم (فِيمَ كُنْتُمْ) في أيّ شيء كنتم من أمر دينكم (قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ) اعتذروا ممّا وبّخوا به بضعفهم وعجزهم عن الهجرة ، أو إظهار الدين وإعلاء كلمته.
وهم جماعة أسلموا بمكّة ، ولم يهاجروا حين كانت المهاجرة واجبة ، فلمّا خرج المشركون إلى بدر لم يخلفوا منهم أحدا إلا من كان صبيّا أو مريضا أو شيخا كبيرا ، فخرج هؤلاء معهم ، فلمّا نظروا إلى قلّة المسلمين ارتابوا فأصيبوا فيمن أصيب من المشركين ، فنزلت الآية.
فقولهم : «فيم كنتم» توبيخ لهم بأنّهم لم يكونوا في شيء من الدين ، حيث قدروا على المهاجرة ولم يهاجروا. فاعتذروا ممّا وبّخوا بالاستضعاف ، وأنّهم لم يتمكّنوا من الهجرة.