الهجرة سمعها رجل من المسلمين ، وهو جندب بن ضمرة ، وكان بمكّة ، فقال : والله ما أنا ممّن استثنى الله ، إنّي لأجد قوّة ، وإنّي لعالم بالطريق ، وكان مريضا شديد المرض ، فقال لبنيه : والله لا أبيت بمكّة حتّى أخرج منها ، فإنّي أخاف أن أموت فيها ، فخرجوا يحملونه على سرير ، فلمّا بلغ التنعيم أشرف على الموت ، فصفق بيمينه على شماله فقال : اللهمّ إنّ هذه لك ، وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايع عليه رسولك ، فمات ، فنزلت.
(وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً) فارّا بدينه (إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) قبل بلوغه دار الهجرة (فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ) جزاء هجرته وثواب عمله (عَلَى اللهِ) الوقوع والوجوب متقاربان. والمعنى : ثبت أجره عند الله ثبوت الأمر الواجب.
وكلّ هجرة لغرض دينيّ ـ من طلب علم ، أو حجّ ، أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة ـ فهي هجرة إلى الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم. (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) ساترا على عباده ذنوبهم بالعفو عنهم (رَحِيماً) بهم رفيقا.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «من فرّ بدينه من أرض إلى أرض ، وإن كان شبرا من الأرض ، استوجب الجنّة ، وكان رفيق إبراهيم ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم».
(وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (١٠١))
ولمّا أمر الله تعالى بالهجرة والجهاد ، بيّن كيفيّة صلاة السفر والخوف اللّذين لازمهما ، فقال : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) الضرب في الأرض هو السفر ، أي : إذا