شرطين على الجمع ، فإمّا أن يكون أحدهما شرطا في الآخر ، دون العكس. وهو باطل.
أمّا أوّلا : فلاستلزام الترجيح من غير مرجّح.
وأمّا ثانيا : فلأنّ اشتراط السفر بالخوف باطل ، للإجماع المذكور والنصّ.
وعكسه ـ أعني : اشتراط الخوف بالسفر ـ باطل أيضا ، لكونه ينفي سببيّة الخوف مطلقا ، سفرا وحضرا. ولأنّ السبب التامّ يستحيل أن يكون شرطا في سببيّة الآخر.
وإذا بطل ذلك فلم يبق إلّا أن يكون كلّ واحد منهما سببا في وجوب القصر. ولما صحّ عن الباقر عليهالسلام أنّه سئل عن صلاة الخوف وصلاة السفر أيقصّران جميعا؟ فقال : «نعم ، وصلاة الخوف أحقّ أن يقصّر من صلاة السفر الّذي ليس فيه خوف» بانفراده. جعل عليهالسلام الخوف سببا أقوى من السفر الخالي عنه ، فيكون كلّ واحد منهما سببا تامّا منفردا. وهذا تقرير لوجوب القصر فيهما معا.
ثم قال : «وحدّ التقصير في السفر عندنا مرحلة ، ثمانية فراسخ أو مسير يوم متوسّط السير» (١).
أو أربعة فراسخ لمن أراد الرجوع في يومه أو ليلته ، على الخلاف في الأخير ، وبه وردت الروايات المتضافرة عن أهل البيت عليهمالسلام. وعند الشافعي مرحلتان ، ستّة عشر فرسخا ، وبه قال مالك وأحمد. وقال أبو حنيفة وأصحابه : ثلاثة مراحل ، أربعة وعشرون فرسخا. وباقي شرائط القصر مذكور في كتب الفقه ، فليطالع ثمّة.
(وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ
__________________
(١) كنز العرفان ١ : ١٨٢ ـ ١٨٤.