أمكن. فهو ردّ على قول أبي حنيفة حيث قال : لا يصلّي المحارب حتى يطمئنّ.
(وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٠٤))
ثم عاد الكلام إلى الحثّ على الجهاد ، فقال : (وَلا تَهِنُوا) ولا تضعفوا (فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ) في طلب الكفّار بالقتال. ثم ألزمهم الحجّة عليه بقوله : (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ) ممّا ينالكم من الجراح منهم (فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ) أيضا ممّا ينالهم منكم من الجراح والأذى (كَما تَأْلَمُونَ) مثل ما تألمون أنتم من جراحهم وأذاهم (وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ) من الظفر عاجلا والثواب آجلا على ما ينالكم منهم (ما لا يَرْجُونَ) على ما ينالهم منكم. هذا إلزام لهم وتقريع على التواني في القتال ، بأنّ ضرر القتال دائر بين الفريقين غير مختصّ بهم ، وهم يرجون من الله تعالى بسببه من إظهار الدين واستحقاق الثواب ما لا يرجو عدوّهم ، فينبغي أن يكونوا أرغب منهم في الحرب ، وأصبر عليها.
(وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بأعمالكم وضمائركم (حَكِيماً) فيما يأمر وينهى ، فلا يأمركم ولا ينهاكم إلّا بما يعلم أنّ فيه صلاحكم.
قال ابن عبّاس وعكرمة : لمّا أصاب المسلمين ما أصابهم من الجروح والآلام يوم أحد ، وصعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الجبل ، قال أبو سفيان : يا محمد لنا يوم ولكم يوم.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أجيبوه.
فقال المسلمون : لا سواء ، قتلانا في الجنّة ، وقتلاكم في النار.
فقال أبو سفيان : لنا عزّى ولا عزّى لكم.
فقال النبيّ : قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم.