(وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) ممّا هممت به من عقاب اليهودي بناء على حسن الظاهر (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) لمن يستغفره. وإنّما ذكر ذلك على وجه التأديب له ، في أن لا يبادر بالخصام والدفاع عمّن لا يتبيّن وجه الحقّ فيه ، ولا يعتمد على ظاهر الإيمان ، فالاستغفار يكون عن ترك الندب.
(وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (١٠٨))
ثم نهى سبحانه عن المجادلة والدفع عن أهل الخيانة ، مؤكّدا لما تقدّم ، فقال مخاطبا للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حين همّ أن يبرّئ أبا طعمة لمّا أتاه قومه ينفون عنه السرقة : (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) يخونونها ، فإنّ وبال خيانتهم يعود عليها.
أو جعل المعصية خيانة لها كما جعلت ظلما عليها ، لاشتراكهما في جلب الضرر إليها. والضمير لطعمة وأمثاله ، أو له ولقومه ، فإنّهم شاركوه في الإثم حين شهدوا على براءته وخاصموا عنه.
وقيل : ظاهر الخطاب وإن توجّه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لكن المراد بذلك أمّته.
ولمّا كان سبحانه عالما من طعمة بالإفراط في الخيانة وركوب المآثم ، قال : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً) مبالغا في الخيانة مصرّا عليها (أَثِيماً) منهمكا في الإثم.
روي أنّ طعمة لمّا أنزل الله تعالى في تقريعه وتقريع قومه الآيات ارتدّ وهرب ولحق بالمشركين من أهل مكّة ، ونقب حائطا بها ليسرق أموال أهله ، فسقط