(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (١١٥) إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (١١٦))
وبعد ذكر حال أهل الكفر والنفاق بيّن مآلهم ، فقال : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) يخالفه ، من الشقّ وهو الجانب ، فإنّ كلّا من المتخالفين في شقّ غير شقّ الآخر (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) ما ظهر له الحقّ ، وقامت له الحجّة ، وصحّت الأدلّة بثبوت نبوّته ورسالته ، بالوقوف على المعجزات (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) غير ما هم عليه من اعتقاد أو عمل (نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى) نجعله واليا لما تولّى من الضلال ، ونكله إليه. والمراد نخلّي بينه وبين ما اختاره لنفسه (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) وندخله فيها بطريق اللزوم والدوام ، عقوبة له على ما اختاره من الضلالة بعد وضوح الهدى عنده (وَساءَتْ مَصِيراً) جهنّم.
قيل : هي في طعمة وارتداده وخروجه إلى مكّة ، كما مرّ.
قال في المجمع : «وقد استدلّ بهذه الآية على أنّ إجماع الأمّة حجّة ، لأنّه سبحانه توعّد على مخالفة سبيل المؤمنين ، كما توعّد على مشاقّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
والصحيح أنّه لا يدلّ على ذلك ، لأنّ ظاهر الآية يقتضي إيجاب متابعة من هو مؤمن على الحقيقة ظاهرا وباطنا ، لأنّ من أظهر الإيمان لا يوصف بأنّه مؤمن إلّا مجازا ، فكيف يحمل ذلك على إيجاب متابعة من أظهر الإيمان؟ وليس كلّ من أظهر الإيمان مؤمنا.