وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام.
ويؤيّده قوله سبحانه : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (١). والمراد تحريم الحلال وتحليل الحرام.
(وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا) ناصرا (مِنْ دُونِ اللهِ) بإيثاره ما يدعو إليه على ما أمر الله به ، ومجاوزته عن طاعة الله إلى طاعته (فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً) ظاهرا ، إذ ضيّع رأس ماله ، وبدّل مكانه من الجنّة بمكان من النار ، وأيّ خسران أعظم من استبدال النار الجنّة؟! (يَعِدُهُمْ) مالا ينجزه (وَيُمَنِّيهِمْ) مالا ينالون. وقيل : يعدهم الفقر إن أنفقوا مالهم في أبواب البرّ ، ويمنّيهم طول البقاء في الدنيا ونعيمها ليؤثروها على الآخرة (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) وهو إظهار النفع فيما فيه الضرر. وهذا الوعد إمّا بالخواطر الفاسدة ، أو بلسان أوليائه.
(أُولئِكَ) الّذين اتّخذوا الشيطان وليّا من دون الله ، فاغترّوا بغروره ، وتابعوه فيما دعاهم (مَأْواهُمْ) مستقرّهم (جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً) معدلا ومهربا ، من : حاص يحيص ، إذا عدل. و «عنها» حال منه ، وليس صلة له ، لأنّه اسم مكان ، وإن جعل مصدرا فلا يعمل أيضا فيما قبله.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً (١٢٢))
ولمّا أوعد الكفّار بالعذاب الأليم ، وعد المؤمنين بجنّات النعيم ، فقال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللهِ حَقًّا) أي : وعده وعدا ، وحقّ ذلك حقّا. فالأوّل مؤكّد لنفسه ، لأنّ
__________________
(١) الروم : ٣٠.