قوله : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) (١). لما روي أنّه لمّا نزل ضرب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يده على ظهر سلمان وقال : «إنّهم قوم هذا» يعني : أبناء فارس.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً (١٣٤)) ثمّ ذكر سبحانه عظم ملكه وقدرته بأنّ جزاء الدارين عنده ، فقال : (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا) كالمجاهد يجاهد للغنيمة (فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) فماله يطلب أخسّهما؟ فليطلبهما ، كمن يقول : (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) (٢). أو ليطلب الأشرف منهما ، فإنّ من جاهد خالصا لله تعالى لم تخطئه الغنيمة ، وله في الآخرة ما هي في جنبه كلا شيء. أو فعند الله ثواب الدارين ، فيعطي كلّا ما يريده ، لقوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) (٣) الآية.
(وَكانَ اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) عالما عارفا بالأغراض ، فيجازي كلّا بحسب قصده.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (١٣٥))
ولمّا ذكر سبحانه أنّ عنده ثواب الدنيا والآخرة ، عقّبه بأمر العباد بالقسط ،
__________________
(١) محمّد : ٣٨.
(٢) البقرة : ٢٠١.
(٣) الشورى : ٢٠.