أوس شيئا ، فإنّ الله قد جعل لهنّ نصيبا ، ولم يبيّن حتى يبيّن ، فنزلت : (يُوصِيكُمُ اللهُ) (١) الآية ، فأعطى أم كحّة الثمن ، والبنات الثلثين ، والباقي ردّ عليهنّ (٢). وهو دليل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب.
(وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) قسمة التركة (أُولُوا الْقُرْبى) ممّن لا يرث (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) فأعطوهم شيئا من المقسوم تطييبا لقلوبهم ، وتصدّقا عليهم. وهو أمر ندب للبلّغ من الورثة. وقيل : أمر وجوب ، ثم نسخ بآية (٣) الميراث. وقال سعيد بن جبير : إنّ ناسا يقولون : نسخت ، والله ما نسخت ، ولكنّها ممّا يتهاون به الناس. (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) وهو أن تدعوا لهم ، ولا تمنّوا عليهم بذلك.
(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٩))
ولمّا أمر سبحانه بالقول المعروف نهاهم عن خلافه ، وأمر بالأقوال السديدة والأفعال الحميدة ، فقال : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) أمر للأوصياء بأن يخشوا الله ويتّقوه في أمر اليتامى ، ويشفقوا عليهم خوفهم على ذرّيّتهم لو تركوهم ضعافا ، وشفقتهم عليهم ، ويقدّروا ذلك في أنفسهم ويصوّروه ، حتى لا يجسروا على خلاف الشفقة والرحمة ، فيفعلوا بهم ما يحبّون أن يفعل بذراريهم الضعاف بعد وفاتهم.
__________________
(١) النساء : ١١.
(٢) في الكشّاف (١ : ٤٧٦ ـ ٤٧٧) : والباقي لبني العمّ.
(٣) النساء : ١١ ـ ١٢.