(أَنْ تَعْتَدُوا) بالانتقام. وهو ثاني مفعولي «يجرمنّكم». والمعنى : لا يحملنّكم بغض قوم على الاعتداء عليهم بالانتقام منهم ، لصدّهم إيّاكم عن المسجد الحرام ، وهو منع أهل مكّة رسول الله والمؤمنين يوم الحديبية عن العمرة.
(وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) بأن يعين بعضكم بعضا على العفو والإغضاء ومتابعة الأمر ومجانبة الهوى. (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) للتشفّي والانتقام.
والأولى أن يكون محمولا على العموم ، فيتناول كلّ برّ وتقوى ، أي : كلّ عمل أمر الله به ، واتّقاء كلّ ما نهاهم عنه ، وكلّ إثم وظلم.
ثمّ أمر بالتقوى وأوعد لمن تعدّى حدوده ، فقال : (وَاتَّقُوا اللهَ) باجتناب كلّ المناهي والمحارم (إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لأنّ ناره لا يطفى حرّها ، ولا يخمد جمرها ، فانتقامه أشدّ.
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣))
ثم بيّن سبحانه ما استثناه في الآية المتقدّمة بقوله : (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) ، فقال خطابا لجميع المكلّفين : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) هي ما فارقه الروح من غير