الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا نزلت هذه الآية قال : الله أكبر على إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضا الربّ برسالتي ، وولاية عليّ بن أبي طالب من بعدي. وقال : من كنت مولاه فعليّ مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله» (١).
وقوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ) متّصل بذكر المحرّمات ، وما بينهما اعتراض لما يوجب التجنّب عنها ، وهو أنّ تناولها فسوق ، وحرمتها من جملة الدين الكامل والنعمة التامّة والإسلام المرضيّ. والمعنى : فمن دعته الضرورة إلى تناول شيء من هذه المحرّمات (فِي مَخْمَصَةٍ) في مجاعة (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) غير مائل له ومنحرف إليه ، بأن يأكلها تلذّذا أو مجاوزا حدّ الرخصة ، نحو قوله تعالى : (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (٢) (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) لا يؤاخذه بأكله.
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٤))
ولمّا قدّم سبحانه ذكر المحرّمات عقّبه بذكر ما أحلّ ، فقال : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) «ماذا» مبتدأ و «أحلّ لهم» خبره ، أي : أيّ شيء حلّ لهم من المطاعم ، كأنّهم حين تلا عليهم المآكل المحرّمة سألوا عمّا أحلّ لهم منها. ولم يقل : ماذا أحلّ لنا ، حكاية لما قالوه ، لأنّ «يسألونك» بلفظ الغيبة ، وهذا كما تقول : أقسم زيد ليفعلنّ. ولو قيل : لأفعلنّ وأحلّ لنا ، لجاز.
__________________
(١) مجمع البيان ٣ : ١٥٩.
(٢) البقرة : ١٧٣ ، الأنعام : ١٤٥.