الصُّدُورِ) أي : بما تضمروه في صدوركم من الأمور الخفيّة ، فضلا عن جليّات أعمالكم. والمراد بالصدور هاهنا القلوب ، لأنّ موضع القلب الصدر.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٨))
ولمّا ذكر سبحانه الوفاء بالعهود ، بيّن أنّ ممّا يلزم الوفاء به قيامكم بالحقّ ، ومراعاتكم العدالة في أداء الشهادة وترك العدوان بها ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ) أي : ليكن من عادتكم القيام لله بالحقّ في أنفسكم بالعمل الصالح ، وفي غيركم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ابتغاء مرضاة الله ، وامتثالا لأمره (شُهَداءَ بِالْقِسْطِ) بالعدل بين الناس ، سواء كانت شهادتكم عليهم أو لهم.
(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا) عدّاه بـ «على» لتضمّنه معنى الحمل. والمعنى : لا يحملنّكم شدّة بغضكم للمشركين على ترك العدل فيهم ، فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحلّ لكم ، كمثلة وقذف وقتل نساء وصبية ونقض عهد ، تشفّيا ممّا في قلوبكم من الضغائن. (اعْدِلُوا هُوَ) أي : العدل (أَقْرَبُ لِلتَّقْوى). صرّح لهم بالأمر بالعدل ، وبيّن أنّه بمكان من التقوى ، بعد ما نهاهم عن الجور ، وبيّن أنّه مقتضى الهوى. وإذا كان مراعاة العدل مع الكفّار لازمة لكم ، فما ظنّكم بالعدل مع المؤمنين؟! (وَاتَّقُوا اللهَ) بفعل الطاعات واجتناب السيّئات (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ) عالم (بِما تَعْمَلُونَ) فيجازيكم عليه. وتكرير هذا الحكم إمّا لاختلاف السبب ، كما قيل : إنّ