نسخ بآية (١) السيف. (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) تعليل للأمر بالصفح ، وحثّ عليه ، وتنبيه على أنّ العفو عن الكافر الخائن إحسان ، فضلا عن العفو عن غيره.
(وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤))
ثمّ بيّن سبحانه حال النصارى في نقضهم ميثاق عيسى ، كما بيّن حال اليهود في نقضهم ميثاق موسى ، فقال : (وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ) أي : أخذنا من النصارى ميثاقهم بالتوحيد ، والإقرار بنبوّة المسيح وجميع الأنبياء ، وأنّهم كلّهم عبيد الله ، كما أخذنا ممّن قبلهم. وقيل : تقديره : ومن الّذين قالوا إنّا نصارى قوم أخذنا. وإنّما قال : قالوا إنّا نصارى ، ليدلّ على أنّهم سمّوا أنفسهم بذلك ادّعاء لنصرة الله تعالى.
(فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا) فألزمنا ، من : غري بالشيء إذا لصق به (بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ) أي : بين فرق النصارى ، وهم : نسطوريّة ، ويعقوبيّة ، وملكانيّة. وذلك أنّ النسطوريّة قالت : إنّ عيسى ابن الله. واليعقوبيّة قالت : إنّ الله هو المسيح بن مريم. والملكانيّة ـ وهم أهل الروم ـ قالوا : إنّ الله ثالث ثلاثة : الله ، وعيسى ، ومريم. أو بينهم وبين اليهود. (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي : المعاداة تبقى بينهم إلى يوم القيامة ، إمّا بين فرق النصارى ، وإمّا بين اليهود والنصارى.
والمعنى : أنّا أخطرنا على بال كلّ منهم ما يوجب الوحشة والنفرة عن
__________________
(١) التوبة : ٢٩.