يوجب تعذيبه. ولأنّ الأب يشفق على ولده ، والحبيب على حبيبه ، فلا يعذّبه ، وقد عذّبكم في الدنيا بالقتل والأسر والمسخ ، واعترفتم بأنّه سيعذّبكم بالنار أيّاما معدودة ، فليس الأمر كما قلتم.
(بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) ممّن خلقه الله (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) وهم من آمن به وبرسله (وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) وهم من كفر. والمعنى : أنّه تعالى يعاملكم معاملة سائر الناس ، لا مزيّة لكم عنده.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) كلّها سواء في كونها خلقا وملكا له (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) أي : يؤول إليه أمر العباد ، فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٩))
ثمّ عاد إلى خطاب أهل الكتاب وحجاجهم ، وإلزامهم برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ) أي : الدين وأحكامه الشرعيّة ، وحذف لظهوره. أو ما كنتم تخفونه ، وحذف لتقدّم ذكره. ويمكن أن لا يقدّر مفعول ، على معنى : يبذل لكم البيان على الإطلاق. والجملة في موضع الحال ، أي : جاءكم رسولنا مبيّنا لكم (عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ) متعلّق بـ «جاءكم» أي : جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحي (أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ) كراهة أن تقولوا : ما جاءنا من رسول بشير بالثواب ونذير بالعقاب ، وتعتذروا بهذا