القول (فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ) متعلّق بمحذوف ، أي : لا تعتذروا بـ «ما جاءنا» فقد جاءكم.
(وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقدر على إرسال الرسل متعاقبة ، كما فعل بين موسى وعيسى ، إذ كان بينهما ألف وسبعمائة سنة وألف نبيّ ، وعلى الإرسال على فترة ، كما فعل بين عيسى ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان بينهما ستّمائة أو خمسمائة (١) وتسع وستّون سنة وأربعة أنبياء ، ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب ، وهو خالد بن سنان العيسي. وفي الآية امتنان عليهم بإرسال الرسول إليهم بعد اندراس آثار الوحي ، وكانوا أحوج ما يكونون إليه.
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (٢٠))
ثم ذكر سبحانه صنيع اليهود في المخالفة لنبيّهم عليهالسلام ، تسلية لنبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم في مخادعتهم إيّاه ، فقال : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) واذكر يا محمد إذ قال موسى لهم : (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) وآلاءه فيكم (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ) فأرشدكم وشرّفكم بهم ، ولم يبعث في أمّة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء ، وذلك من نعم الله عليهم ، وآلائه لديهم.
(وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) أي : وجعل منكم أو فيكم. وقد تكاثر فيهم الملوك تكاثر الأنبياء بعد فرعون ، فقتلوا يحيى ، وهمّوا بقتل عيسى. وقيل : إنّهم لمّا كانوا مملوكين في أيدي القبط ، فأنقذهم الله تعالى ، وجعلهم مالكين لأنفسهم وأمورهم ، سمّاهم
__________________
(١) هذا الرقم للفترة بين ميلاد عيسى عليهالسلام والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أي : كان بين ميلادهما خمسمائة وتسع وستّون سنة.