ويجوز نصبه على العلّة أو المصدر ، لأنّ سعيهم كان فسادا ، فكأنّه قيل : ويفسدون في الأرض فسادا.
وروي عن أئمّتنا عليهمالسلام أنّ المحارب كلّ من شهر السلاح ، وأخاف الطريق ، سواء كان في المصر أو خارجه ، فإنّ اللصّ المحارب في المصر وخارجه سواء.
وهو مذهب الشافعي أيضا ، والأوزاعي ومالك. وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنّ المحارب هو قاطع الطريق في غير المصر.
ولمّا كان «إنّما» موضوعة للحصر ، فيكون معنى الآية : ما جزاؤهم إلّا (أَنْ يُقَتَّلُوا) أي : من غير صلب إن اقتصروا على القتل ، ولم يأخذوا المال (أَوْ يُصَلَّبُوا) أي : يصلّبوا مع القتل ، إن قتلوا وأخذوا المال. وللفقهاء خلاف في أنّه يقتل ويصلب ، أو يصلب حيّا ويترك ، أو يطعن حتّى يموت. (أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ) تقطع أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى ، إن أخذوا المال ولم يقتلوا (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) أي : ينفوا من بلد إلى بلد ، بحيث لا يتمكّنوا من القرار في موضع إلى أن يتوبوا ، إن اقتصروا على الإخافة.
ويؤيّد ذلك التفسير ما روي عن الباقر والصادق عليهماالسلام : «أنّ جزاء المحارب على قدر استحقاقه ، فإن قتل فجزاؤه أن يقتل ، وإن قتل وأخذ المال فجزاؤه أن يقتل ويصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل فجزاؤه أن تقطع يده ورجله من خلاف ، وإن أخاف السبيل فقط فإنّما عليه النفي لا غير».
وبه قال ابن عبّاس ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، والسدّي ، والربيع. وعلى هذا فلفظة «أو» ليست للإباحة هاهنا ، بل هي مرتّبة الحكم باختلاف الجناية. وقيل : للتخيير ، والامام مخيّر بين هذه العقوبات في كلّ قاطع طريق. والصحيح الأوّل.
(ذلِكَ) أي : ما ذكرناه (لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا) فضيحة ومذلّة وهو ان فيها (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) لعظم ذنوبهم. هذا دليل على أنّ الحدود لا تكفّر