(وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ) ويحكم بها زهّادهم وعلماؤهم ، السالكون طريقة أنبيائهم ، المجتنبين ملّة اليهود (بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ) بسبب ما طلب منهم أنبياؤهم وأوصوهم من حفظ التوراة عن التضييع والتحريف. والراجع إلى «ما» محذوف. و «من» للتبيين. ويجوز أن يكون الضمير للأنبياء والربّانيّين والأحبار جميعا ، ويكون الاستحفاظ من الله ، أي : كلّفهم الله حفظه. (وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ) رقباء لا يتركون أن يغيّروا ، أو شهداء يبيّنون ما يخفى من التوراة ، كما فعل ابن صوريا.
(فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) نهي للحكّام أن يخشوا غير الله تعالى في حكوماتهم ، ويداهنوا فيها خشية ظالم أو خيفة أذيّة من الأقرباء والأصدقاء.
والمعنى : أيّها الحكّام والولاة ، احكموا على اليهود بأحكام التوراة ، ولا تتركوهم أن يعدلوا عنها ، كما فعله رسول الله من حملهم على حكم الرجم ، وكذلك حكم الربّانيّون والأحبار والمسلمون ، بسبب ما استحفظهم أنبياؤهم من كتاب الله ، وبسبب كونهم عليه شهداء ، فلا تخشوا غير الله في حكوماتكم. أو نهي لعلماء اليهود عن إخفاء صفة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وحكم الرجم. والمعنى : لا تخشوا اليهود في إظهار صفة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمر الرجم ، واخشوني في كتمان ذلك.
(وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي) ولا تستبدلوا بأحكامي الّتي أنزلتها (ثَمَناً قَلِيلاً) هو الرشوة ، وابتغاء الجاه ، وطلب الرئاسة ، كما فعله اليهود (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) مستهينا به منكرا له (فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) لاستهانتهم به وتمرّدهم ، بأن حكموا بغيره ، ولذلك وصفهم بقوله : الظالمون والفاسقون. فكفرهم لإنكاره ، وظلمهم بالحكم على خلافه ، وفسقهم بالخروج عنه.
وعن ابن عبّاس : من جحد حكم الله فهو كافر ، ومن لم يحكم به وهو مقرّ فهو ظالم فاسق.