(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤) إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (٥٥) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ (٥٦))
ولمّا بيّن سبحانه حال المنافقين ، وأنّهم يتربّصون الدوائر بالمؤمنين ، أعلم أنّ قوما منهم يرتدّون بعد وفاته ، وأنّ ذلك كائن ، وأنّهم لا ينالون أمانيّهم ، وأنّه تعالى ينصر دينه بقوم لهم صفات محمودة مخصوصة ، تميّزوا بها من بين العالمين ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) قرأه على الأصل نافع وابن عامر ، وهو كذلك في الامام ، والباقون بالإدغام ، أي : يرتدّ.
وفي هذه الآية إخبار بالكائنات الّتي أخبر الله تعالى عنها قبل وقوعها ، وهو أنّ قوما يرتدّون بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنّه سبحانه ينصر دينه بقوم لهم هذه الصفات المذكورة.
وقيل : كان أهل الردّة إحدى عشرة فرقة ، ثلاث من العرب ارتدّوا في أواخر عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم : بنو مدلج ، وكان رئيسهم ذا الحمار الأسود العنسي ، وكان كاهنا تنبّأ باليمن واستولى على بلاده ، فكتب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى معاذ بن جبل وإلى سادات اليمن ، فأهلكه الله على يد فيروز الديلمي ليلة قبض رسول