وذلك فعل قليل لا يؤثّر في بطلان الصلاة.
الثاني : أنّ النيّة فعل قلبيّ لا لساني ، لأنّ فعله ذلك في الصلاة يستلزم النيّة ، لأنّه عمل وكلّ عمل لا بدّله من النيّة ، واللفظ في الصلاة بغير القرآن والدعاء مبطل ، فلم يقع منه حينئذ ، وإلّا لبطلت صلاته ، واللازم كالملزوم في البطلان.
الثالث : أنّ استحضار النيّة فعلا واستمرارها عينا غير شرط في العبادة ، لأنّه على حال نيّة الزكاة لم يكن مستحضرا لنيّة الصلاة ، فلو كان شرطا لأثّر البطلان المستلزم للذمّ المنافي لهذا المدح العظيم. ويتفرّع على ذلك الاكتفاء باستمرار النيّة حكما.
الرابع : تسمية الصدقة المندوبة زكاة ، إذ لا يجوز كون ذلك الخاتم من الزكاة الواجبة ، لأنّ إخراجها واجب مضيّق لا يجوز الاشتغال عنه بواجب موسّع أو مندوب ، وحينئذ يكون ذلك من الصدقات المندوبة ، وهو المطلوب. انتهى كلامه.
أقول : في الأمر الرابع نظر ، كما لا يخفى على أهل النظر.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧))
روي عن ابن عبّاس : أنّ رفاعة بن زيد وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ثمّ نافقا ، وكان رجال من المسلمين يوادّونهما ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً) بأن أظهروا الإيمان باللسان واستبطنوا الكفر ، فذلك معنى تلاعبهم بالدين (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ