وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ).
رتّب النهي عن موالاتهم على اتّخاذهم دينهم هزوا ولعبا ، إيماء إلى العلّة ، وتنبيها على أنّ من هذا شأنه بعيد عن الموالاة جدير بالمعاداة.
وفصّل المستهزئين بأهل الكتاب والكفّار على قراءة من جرّه ، وهم أبو عمرو والكسائي ويعقوب. وعلى هذا الكفّار وإن عمّ أهل الكتاب يطلق على المشركين خاصّة ، لتضاعف كفرهم. ومن نصبه عطفه على (الَّذِينَ اتَّخَذُوا) على أنّ النهي عن موالاة من ليس على الحقّ رأسا ، سواء من كان ذا دين تبع فيه الهوى وحرّفه عن الصواب كأهل الكتاب ، ومن لم يكن كالمشركين.
(وَاتَّقُوا اللهَ) بترك المناهي (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) لأنّ الإيمان حقّا يقتضي ذلك. أو إن كنتم مؤمنين بوعده ووعيده.
(وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (٥٨))
ثمّ أخبر سبحانه عن صفة الكفّار الّذين نهى المؤمنين عن موالاتهم ، فقال : (وَإِذا نادَيْتُمْ) أيّها المؤمنون (إِلَى الصَّلاةِ) أي : إذا دعوتم إليها (اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً) أي : اتّخذوا الصلاة أو المناداة ، فإنّهم كانوا إذا أذّن للصلاة تضاحكوا فيما بينهم ، تجهيلا لأهلها ، وتنفيرا للناس عنها وعن الداعي إليها.
وفيه دليل على أنّ الأذان مشروع للصلاة. وثبوته بنصّ الكتاب ، لا بالمنام وحده.
روي : أنّ نصرانيّا بالمدينة كان إذا سمع المؤذّن يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا رسول الله ، قال : أحرق الله الكاذب. فدخل خادمه ذات ليلة بنار وأهله نيام ، فتطاير شررها في البيت ، فأحرقه وأهله.