هو من لعنه الله. وهم اليهود أبعدهم الله من رحمته ، وسخط عليهم بكفرهم وانهماكهم في المعاصي بعد وضوح الآيات.
(وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ) أي : ومسخ بعضهم قردة ، وهم أصحاب السبت (وَالْخَنازِيرَ) وبعضهم جعل خنازير ، وهم كفّار أهل مائدة عيسى. وقيل : كلا المسخين في أصحاب السبت ، مسخت شبّانهم قردة ، ومشايخهم خنازير.
(وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) عطف على صلة «من». وقرأ حمزة : عبد الطاغوت بضمّ الباء والإضافة ، عطفا على القردة ، أي : جعل منهم عبد الطاغوت ، وهي للمبالغة في العبوديّة ، نحو حذر ويقظ. والمعنى : أنّه خذلهم حتّى عبدوه. والمراد من الطاغوت العجل. وقيل : الكهنة ، وكلّ من أطاعوه في معصية الله تعالى.
(أُولئِكَ) الملعونون الممسوخون (شَرٌّ مَكاناً) جعل مكانهم شرّا ليكون أبلغ في الدلالة على شرارتهم. وقيل : مكانا منصرفا. (وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) قصد الطريق المتوسّط بين غلوّ النصارى وقدح اليهود. والمراد من صيغتي التفضيل الزيادة مطلقا ، لا بالإضافة إلى المؤمنين في الشرارة والضلالة. أو يكون من باب المماشاة والإنصاف في الخطاب.
قال المفسّرون : فلمّا نزلت هذه الآية عيّر المسلمون أهل الكتاب ، وقالوا : يا إخوان القردة والخنازير ، فنكسوا رؤوسهم وافتضحوا.
(وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (٦١)) ثمّ قال في شأن جماعة من اليهود نافقوا رسول الله ، أو في عامّة المنافقين : (وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) أي : يخرجون من عندك كما دخلوا ، لم يؤثّر فيهم ما سمعوا منك. والجملتان حالان من فاعل «قالوا».