فقال عمرو : إنّه مخالف لنا فردّه إلينا.
فرفع النجاشي يده وضرب بها وجه عمرو ، وقال : اسكت والله لإن ذكرته بعد بسوء لأفعلنّ بك كذا.
وقال : أرجعوا إلى هذا هديّته. وقال لجعفر وأصحابه : امكثوا فإنّكم سيوم ، والسيوم الآمنون ، وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق. فانصرف عمرو ، وأقام المسلمون هناك بخير دار وأحسن جوار ، إلى أن هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلا أمره ، وهادن قريشا وفتح خيبر. فوافى جعفر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بجميع من كانوا معه.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا أدري أنا بفتح خيبر أسرّ ، أم بقدوم جعفر».
ووافى جعفر وأصحابه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سبعين رجلا ، منهم اثنان وستّون من الحبشة ، وثمانية من أهل الشام ، فيهم بحيراء الراهب.
فقرأ عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سورة ياسين إلى آخرها ، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا ، وقالوا : ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى ، فأنزل الله فيهم هذه الآيات.
وقال مقاتل والكلبي : كانوا أربعين رجلا ، اثنان وثلاثون من الحبشة ، وثمانية من أهل الشام. وقال عطاء : كانوا ثمانين رجلا ، أربعون من أهل نجران من بني الحارث بن كعب ، واثنان وثلاثون من الحبشة ، وثمانية روميّون من أهل الشام.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٨٦))
ولمّا ذكر سبحانه الوعد لمؤمنيهم ، ذكر الوعيد لمن كفر منهم وكذب ، فقال : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) عطف التكذيب بآيات الله على الكفر ، وهو ضرب منه ، لأنّ القصد إلى بيان حال المكذّبين. وذكرهم في معرض المصدّقين بها ، جمعا بين الترغيب والترهيب.