وتوبة هؤلاء وعدم توبة هؤلاء سواء.
ثم أكّد عدم قبول توبتهم بقوله : (أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً). وهذا نظير قوله : (فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) في الوعد ليتبيّن أنّ الأمرين كائنان لا محالة.
والاعتداد التهيئة ، من العتاد ، وهو العدّة. وقيل : أصله أعددنا ، فأبدلت الدال الأولى تاء.
وقيل : المراد بالّذين يعملون السوء عصاة المؤمنين ، وبالّذين يعملون السيّئات المنافقين ، لتضاعف كفرهم وسوء أعمالهم ، وبالّذين يموتون الكفّار.
وإنّما لم يقبل الله التوبة حال اليأس وهو من الحياة ، لأنّه يكون العبد ملجأ إلى فعل الحسنات وترك القبائح ، فيكون خارجا عن حدّ التكليف ، إذ لا يستحقّ على فعله المدح ولا الذمّ ، وإذا زال عنه التكليف لم تصحّ منه التوبة ، ولهذا لم يكن أهل الآخرة مكلّفين ، ولا تقبل توبتهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (١٩))
ولمّا نهى الله تعالى فيما تقدّم عن عادات أهل الجاهليّة في أمر اليتامى والأموال ، وانجرّ الكلام إلى ها هنا ، عقّبها بالنهي عن الاستنان بسنّتهم في النساء ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ) أي : نكاحهنّ (كَرْهاً) على كره منهنّ.