من الآمنين يوم القيامة ، ولم ير النار بعينه أبدا.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ (٢) وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ (٣))
ولمّا ختم الله سبحانه سورة المائدة بأنّه على كلّ شيء قدير ، افتتح سورة الأنعام بما يدلّ على كمال قدرته ، من خلق السموات والأرض ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) اخترعهما بما اشتملا عليه من عجائب الصنعة وبدائع الحكمة. أخبر سبحانه بأنّه حقيق وحريّ بالحمد. ونبّه على أنّه المستحقّ للحمد على هذه النعم الجسام ، حمد أو لم يحمد ، ليكون حجّة على الّذين هم بربّهم يعدلون. وجمع السماوات دون الأرض ، وهي مثلهنّ ، لأنّ طبقاتها مختلفة بالذات متفاوتة الآثار والحركات ، دون الأرض.
وقدّمها لشرفها ، وعلوّ مكانها ، وتقدّم وجودها.
(وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) أنشأهما. والفرق بين «خلق» و «جعل» الّذي له مفعول واحد : أنّ خلق فيه معنى التقدير ، والجعل فيه معنى التضمين ، كإنشاء شيء من شيء ، أي : قدّر السماوات والأرض ، وضمّن فيها الظلمات والنور ، ولذلك عبّر عن إحداث النور والظلمة بالجعل ، تنبيها على أنّهما عرضان يقومان بالجسم ، لا بأنفسهما كما زعمت الثنويّة.
وجمع الظلمات لكثرة أسبابها والأجرام الحاملة لها ، فإنّ أسباب الظلمة تارة