الخصب والريف بين الأنهار والثمار (فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) أي : لم يغن ذلك عنهم شيئا من مقدّمة الإهلاك (وَأَنْشَأْنا) وأحدثنا (مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) أمّة اخرى بدلا منهم.
والمعنى : أنّه تعالى كما قدر على أن يهلك من قبلكم كعاد وثمود ، وينشئ مكانهم آخرين يعمّر بهم بلادهم ، يقدر أن يفعل ذلك بكم.
وفيه دلالة صريحة على أنّه سبحانه لا يتعاظمه أن يفني عالما وينشئ عالما آخر ، لقوله : (وَلا يَخافُ عُقْباها) (١). ففيه احتجاج على منكري البعث.
(وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (٩))
روي أنّ نضر بن الحارث وعبد الله بن أبي أميّة ونوفل بن خويلد قالوا عنادا : يا محمّد لن نؤمن لك حتّى تأتينا بكتاب من عند الله ، ومعه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنّه من عند الله وأنّك رسوله ، فنزلت : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ) مكتوبا في ورق.
وعن ابن عبّاس : كتابا معلّقا من السماء إلى الأرض.
(فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ) فمسّوه. وتخصيص اللمس لأنّ التزوير لا يقع فيه ، فلا يمكنهم
__________________
(١) الشمس : ١٥.