(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ) أي : يصرف العذاب عنه. وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وأبو بكر عن عاصم : يصرف ، على أنّ الضمير فيه لله تعالى والمفعول به محذوف ، أو يومئذ بحذف المضاف ، أي : عذاب يومئذ. (فَقَدْ رَحِمَهُ) الرحمة العظمى الّتي هي النجاة ، كما تقول : من أطعمته من جوع فقد أحسنت إليه ، تريد : فقد أتممت الإحسان إليه. أو فقد أثابه وأدخله الجنّة ، لأنّ من لم يعذّب فلا بدّ أن يثاب. (وَذلِكَ) أي : الصرف أو الرحمة (الْفَوْزُ الْمُبِينُ) الفوز بالبغية ، الظاهر البيّن.
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨))
ثمّ بيّن سبحانه أنّه لا يملك النفع والضرّ إلّا هو ، ولا يكشفه سواه ممّا يعبده المشركون ، فقال : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) يصيبك ببليّة ، كمرض وفقر (فَلا كاشِفَ لَهُ) فلا قادر على كشفه (إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ) بنعمة ، كصحّة وغنى (فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الخير والضرّ وغير ذلك (قَدِيرٌ) لا يقدر أحد على دفع ما يريد لعباده من مكروه أو محبوب ، فكان قادرا على حفظه وإدامته ، فلا يقدر غيره على دفعه ، كقوله تعالى : (فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) (١).
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) تصوير لقهره وعلوّه بالغلبة والقدرة ، كقوله : (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) (٢). يريد أنّهم تحت تسخيره وتذليله (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في
__________________
(١) يونس : ١٠٧.
(٢) الأعراف : ١٢٧.