(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤))
ثمّ سلّى سبحانه نبيّه على تكذيبهم إيّاه بعد إقامة الحجّة عليهم ، فقال : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ) معنى «قد» زيادة الفعل وكثرته ، كقوله (١) : ولكنّه قد يهلك المال نائله.
فهو هاهنا بمنزلة «ربّما» الّذي يجيء لزيادة الفعل وكثرته. والهاء في «أنّه» للشأن. وقرأ نافع : ليحزنك من : أحزن. و «الّذي يقولون» هو قولهم : شاعر ومجنون وساحر وكذّاب.
(فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) في الحقيقة ، وإنّما يكذّبون الله ، لأنّك رسوله المصدّق بالمعجزات ، فتكذيبك راجع إليه وإلى جحود آياته. ونحوه قول السيّد لعبده إذا أهانه بعض الناس : إنّهم لم يهينوك ، وإنّما أهانوني. ومن هذه الطريقة قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) (٢). وقيل : معناه : فإنّهم لا يكذّبونك بقلوبهم ،
__________________
(١) من قصيدة لزهير بن أبي سلمى ، صدر البيت : أخو ثقة لا تهلك الخمر ماله
(٢) الفتح : ١٠.