(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) لكي يدخلوا في زمرة أهل التقوى من المؤمنين ، بأن ينتهوا عمّا نهوا عنه ، ويمتثلوا ما أمروا به.
(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢))
ثمّ أردفهم ذكر المتّقين منهم ، وأمر رسوله بتقريبهم وإكرامهم ، وأن لا يطيع فيهم من أراد بهم خلاف ذلك ، وأن لا يطردهم ترضية لقريش ، وأثنى عليهم بأنّهم يواصلون دعاء ربّهم ـ أي : عبادته ـ ويواظبون عليها ، فقال : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ). المراد بذكر الغداة والعشيّ الدوام. وقيل : صلاة الصبح والعصر. وقرأ ابن عامر : بالغدوة.
(يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) يطلبون ثوابه ، ويبتغون مرضاته. وهو حال من «يدعون» أي : يدعون ربّهم مخلصين فيه. والوجه يعبّر به عن ذات الشيء وحقيقته. وقيّد الدعاء بالإخلاص تنبيها على أنّه ملاك الأمر. ورتّب النهي عليه إشعارا بأنّه يقتضي إكرامهم ، وينافي إبعادهم.
روى الثعلبي بإسناده عن عبد الله بن مسعود قال : «مرّ رؤساء قريش على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنده صهيب وخباب وبلال وعمّار ونظائرهم من ضعفاء المسلمين ، فقالوا : يا محمّد أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أفنحن نكون تبعا لهم؟ أهؤلاء الّذين منّ الله عليهم؟ اطردهم عنك ، فلعلّك إن طردتهم اتّبعناك. فأنزل الله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ) إلى آخره.