(لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) فيعلم أوقاتها وما في تعجيلها وتأخيرها من الحكم ، فيظهرها على ما اقتضته حكمته ، وتعلّقت به مشيئته. وفيه دليل على أنّه تعالى يعلم الأشياء قبل وقوعها.
(وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) عطف للإخبار عن تعلّق علمه بالمشاهدات على الإخبار عن اختصاص العلم بالمغيّبات به.
(وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) يعلم ما سقط من ورق الأشجار وما بقي ، ويعلم أنّها كم انقلبت ظهرا لبطنها عند سقوطها ، مبالغة في إحاطة علمه بالجزئيّات.
(وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) بواطنها إلى تحت الصخرة في أسفل الأرضين السبع (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ) معطوف على «ورقة» وداخل في حكمها ، كأنّه قيل : وما تسقط من ورقة ولا شيء من هذه الأشياء إلّا يعلمه.
وقوله : (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) بدل من الاستثناء الأوّل بدل الكلّ ، على أنّ الكتاب المبين علم الله. أو بدل الاشتمال إن أريد به اللوح. أو كالتكرير لقوله : (إِلَّا يَعْلَمُها) لأنّ معنى (إِلَّا يَعْلَمُها) و (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) واحد. وقيل : المراد بالكتاب المبين القرآن.
(وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (٦١) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (٦٢))
ولمّا نبّه سبحانه بهذه الآية على أنّه عالم بالذات ، أشار بعد ذلك إلى أنّه قادر